طباعة

كن عبدي وإلا قتلتك

Posted in المجتمع

إذا لم تكن الكراهية هي الشعور المناسب من الأقوى للأضعف، فما هي حقيقة مشاعر هذا الأقوى تجاه المستضعف؟ أحسب أننا يمكن أن نرصد أنواعا مختلفة من المشاعر والمواقف لا أحسب أن الكراهية تقع على رأس قائمتها:

أولاً: الإهمال حتى الإلغاء: يمكن أن يعيش الأمريكي طول حياته لا يعرف من العرب أو ما هو الإسلام أو المسلمين إلا ما يشاهده مصادفة في فيلم سينمائي تافه، أو مسلسل مسطح. فإذا حدثت فرقعة هنا أو مصيبة عابرة أو جسيمة هناك، ما لم تحل كارثة ساحقة تعزي إلينا تجعل الإلغاء مستحيلا.

ثانياً: الاحتقار والتهوين: هذا الموقف لا يعلن عادة، لكنه يستنتج من النظرة الأعلى، والمعاملة بمكيالين، والاستهتار بالمشورة الحقيقية، وفرض الرأي صراحة أو من خلال المن بالمعونات المشروطة.

ثالثاً: الاستقطاب للانقضاض: هذا موقف يعني أنهم يضعوننا في وعيهم، وفي حساباتهم في أقصي الجانب الآخر من وجودهم، يرسمون صورتنا بعكس ما يتصورونه أنه الصحيح تماما. هذا هو تفسير ما دعاهم إلى تجسيم هذا العدو المجهول الذي أسموه «الإسلام» وهم لا يعرفون عنه إلا الصورة التي ألمح إليها مفكر خائب مثل فوكوياما، أو رسمها منظر أخيب مثل هنتنجتون. إنهم حين يصورون المسلمين باعتبارهم منافسي الجولة القادمة في الصراع المحتمل لا يكلفون خاطرهم بالتعرف الموضوعي على واقع المسلم أو الإسلام الذي عليهم أن يستعدوا لمواجهته. إنهم يختزلوننا إلى ما يبرر خوفهم، ثم يسوقون تلك الصورة يستعملونها لإخافة ناسهم، ومن ثم حفز الجميع للقتال والصراع بهدف القضاء على أي اختلاف ومختلف.

يظهر هذا الموقف بشكل مفضوح حيت يكرر السيد دبليو، بغطرسته الغبية أن «من ليس معنا فهو ضدنا:» أو حين يخفي هذه المقولة أحيانا تحت مقولات أو إشارات أكثر دلالة مثل «من لا يحارب الإرهاب معنا فهو يناصر الإرهاب ضدنا» أو «من ليس مع السلام والحرية اللذين يتجسدان فينا فهو مع الإرهاب والتخلف اللذين هما أي شيء غير ما نعتقد، وهكذا». كل هذا يؤدي في النهاية إلى ما أسميته الاستقطاب للانقضاض.

رابعاً: الشفقة والتفويت: يبدو هذا الموقف في ظاهره شبه إنساني، مع أنه في عمقه موقف سطحي لفظي. يمكن أن نتبينه في المقدمة المائعة لبيان الستين من مثقفيهم السلطويين حين يقولون كلاما إنشائيا في محاولة تبرئة أنفسهم من تهمة نفي الآخر والاستعلاء عليه. إن المتأمل في هذه المقدمة الإنشائية لابد أن يكتشف أنهم لا يمتدحون هذا الآخر إلا بوصفه قد حقق وجوده بالمقاييس التي حددوها للحسن والقبيح، أو للخير والشر. إنهم يمدحون الآخر حفزا له أن يرتقي ليقيسوه بمقاييسهم. يقولون مثلا ما معناه: إن المسلمين هم بشر وقد يكونون قابلين للتحضر، بل إنهم حاولوا في بعض فترات التاريخ أن يكونوا كذلك، بدليل أنهم في تلك الفترات اتبعوا النهج والقيم التي ارتضيناها لأنفسنا (وللبشر) أخيرا. إنهم بذلك يعلنون ضمنا قائمة القيم الذي حددوها هم دون غيرهم، بعد أن احتكروا تفسير مضامينها بأنفسهم دون سواهم. فهم الذين يضعون تعريفات خاصة لكل من «الحرية» و«العلم» و«المنهج» و«التنوير» ومؤخرا «الدين». ثم إنهم يصدرون فرمانا بعد ذلك أنه على كل ما يريد أن يحصل على رضاهم لينعم بحق التواجد معهم على هذه الأرض أن يكون مثلهم مع السماح بهامش من الاختلاف في التفاصيل التي تصف في النهاية فيما يريدون.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed