طباعة

حيرة مريض نفسى بين الطب والغيب

Posted in المجتمع

صرع الأبدان وصرع الأرواح :

قال ابن القيم في " الطب النبوي " صفحة 66 : " الصرع صرعان : صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية ، وصرع من الأخلاط الرديئة والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه ". ولكن ابن القيم رحمه الله لم يذكر كيفية التفريق بين نوعي الصرع ، وربما له العذر فى ذلك فلم تكن فى عهده وسائل تشخيصية مثل رسم المخ الكهربائى ، ولم يكن موضوع الأعراض الإنشقاقية والتحولية (الهستيرية) معروفا بدقة فى ذلك الوقت ، ولكن يكفيه فخرا أنه استنبط أن ثمة نوعين مختلفين من تلك النوبات التى تصيب الإنسان .

أما الروايات التي ذكرت في مثل هذه الحالات فإما أنها اعتمدت على وحي من الله أو بصيرة شخصية خاصة .

فقد جاء في حديث يعلى بن مرة عن النبي e أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم فقال له النبي  :

" أخرج عدو الله أنا رسول الله " . قال : فبرأ ( أخرجه الإمام أحمد 4/170 ، 171 ، 172 ) .

ووردت روايات أخرى عن إخراج الجن على يد ابن تيمية كما ذكر ابن القيم في الطب النبوي صفحة 768 وهذه قد اعتمدت على بصيرة ابن تيمية الخاصة وقوة إيمانه وتقواه .

ومع هذا لم يثبت عن الرسول e أنه عالج هذه الحالة بالضرب أو الخنق وإنما ثبت العلاج بالضرب عن ابن تيمية فقط كما ذكر ابن القيم . ولم يثبت فى التاريخ الإسلامى أن عرب الجزيرة توافدوا بالمئات أو الألاف طلبا للعلاج بالرقيا على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو صحابته الكرام ، وإنما كانوا يتوافدون لمعرفة الإسلام كدين ينظم حياتهم الدنيوية والأخروية . أما فى عصور التدهور الحضارى فقد تمادى الكثيرون ممن يعلمون وممن لا يعلمون في هذا الأمر فاعتبروا كل الأمراض تلبس جن واعتبروا أنفع الوسائل هي الضرب المبرح أو الخنق أو الكي أو إيذاء المريض بحجة إيذاء الجن المتلبس وقد حدثت مآس كثيرة نقابلها كل يوم وأدت في بعض الأحيان إلى وفاة بعض المرضى كما حدث في مصر لامرأة ضربوها حتى ماتت وشاب آخر مات تحت وطأة الضرب بحجة إخراج الجن ، إضافة الى انتهاك حرمات الكثير من النساء وهتك أعراضهن على أيدى مدعى العلاج بالقرآن والقرآن منهم ومن أفعالهم براء .

والسؤال الهام هنا : من يستطيع الآن أن يفرق بين الحالة التي تلبسها الجن ( كم يزعم المعالجون الشعبيون ) وبين الحالات المرضية الأخرى ؟ والجواب هنا لا أظن أنه من السهولة بمكان .

ومن خلال عملي في مجال الطب النفسي رأيت مدعى إخراج الجن يعالجون حالات مرضية نفسية وأحياناً عضوية معروف أسبابها ولها تسلسل سببي منطقي صريح في حياة المريض وليس فيها غموض تلبس الجن وهم مع ذلك يصرون على تلبسها بالجن وهذه الحالات ساءت كثيرا بسبب ما بث في عقولها من خيالات وصاروا يعانون من اضطرابات نفسية شديدة نظرا لخوفهم الشديد من هذه القوى الخفية التي تحاربهم ونظرا للجو الأسطوري المخيف الذي يعيشونه عند هؤلاء المعالجين .

السحر :

اان هناك قوى خفية فى الكون ( كما ذكرنا آنفا ) ، وأن من هذه القوى السحر ، وأن السحر ليس حقيقة ولكنه تخيل لشئ غير واقع ، وأن الذى يسحر هو أعين الناس ، وأن السحر يدخل الرهبة فى النفوس ، ويجعلها تستسلم لما يريده الساحر ، وأن الساحر يستعين بقوى بحكم عناصر خلقها أكبر من قوة الانسان وهم شياطين الجن

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed