طباعة

حيرة مريض نفسى بين الطب والغيب

Posted in المجتمع

والواقع الحقيقى غير ذلك فمازلت أسباب كثير من الأمراض النفسية فى مجال النظريات التى تتغير من وقت لآخر ومازالت هناك مناطق شديدة الغموض حيث تم وصف الكثير من مظاهر الأمراض ولكن بقيت المسببات فى حاجة إلى بحث طويل .

وحين أقول هذا لا أبرر الخوض فى مبالغات تأثير الجن والاستكانة السلبية لهذه القوى الخفية بديلا عن البحث الجاد عن أسباب يمكن معالجتها بالوسائل العلمية المتاحة وإنما أرجو أن يتخلى الطرفان المتناقضان عن موقفهما المتطرف لتكون الحركة واعية وموضوعية مع الاعتراف والالتزام والاعتقاد بما ورد من آيات وأحاديث صحيحة فى هذا الشأن دون تقليل أو تهويل .

لكل داء دواء بعيداً عن التعميم الخاطئ فى التشخيص والعلاج :

فى الصحيحين عن عطاء عن أبى هريرة قال : قال رسول الله e : (ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء)

وروى مسلم فى صحيحه من حديث أبى الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبى e أنه قال : (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل) ، ففى ذلك الحديث الأخير علق الرسول e البرء بموافقة الداء للدواء فإنه لا شئ من المخلوقات إلا له ضد وهذا يؤكد فكرة نوعية وتخصيص العلاجات للأمراض المختلفة فليست كل الأمراض تعالج بنفس الطريقة كما يفعل بعض المعالجين الشعبيين فيعطون نفس المادة لكل الأمراض ويتبعون نفس الطريقة فى كل الحالات وهذا تعميم خاطئ دحضه الرسول بحديثه .

وفى قوله e (أنتم أعلم بأمور دنياكم) توجيه منه إلى إعطاء كل شئ لمن تخصصوا فيه وعلموه بالدراسة والتجربة والتمحيص .

وفى المسند (والسنن) عن أبى خزامة قال : قلت يا رسول الله : أرأيت رقى نسترقيها ، ودواء نتداوى به ، وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ فقال : (هى من قدر الله ) .

فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها .

يقول ابن القيم فى الطب النبوى : (وفى الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوى وأنه لا ينافى التوكل ، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا ، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل ، كما يقدح في الأمر والحكمة ، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل ، فإن تركها عجزا ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد فى دينه ودنياه ودفع ما يضره في دينه ودنياه ، ولابد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب ، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع ، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً ولا توكله عجزاً " .

وفي قوله e " لكل داء دواء تقوية لنفس المريض والطبيب ، وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش عليه ، فإن المريض إذا استشعرت نفسه أن لدائه دواءً يزيله ، تعلق قلبه بروح الرجاء ، وبردت عنده حرارة اليأس ، وانفتح له باب الرجاء وكذلك الطبيب إذا علم أن لهذا الداء دواء أمكنه طلبه والتفتيش عليه .

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed