الإثنين, 19 تشرين2/نوفمبر 2012 21:28

مقدِّمة عن التأمل

كتبه  موسوعة الملك عبدالله بن عبد العزيز العربية للمحتوى الصحي
قييم هذا الموضوع
(1 تصويت)

يعدُّ التأمُّلُ أحدَ الممارسات العقلية الجسدية في الطبِّ التكميلي والبديل. هناك العديد من أنواع التأمُّل، وقد نشأ معظمها  في التقاليد الدينية والروحية القديمة. يتَّبع الشخصُ الذي يتأمل تقنيات معيَّنة عادةً، مثل اتِّخاذ وضعية معيَّنة للجسم، ويركِّز الاهتمام على شيء ما، ويكون لديه موقف منفتح تجاه الشرود. يمكن ممارسة التأمُّل لأسباب كثيرة، مثل زيادة الهدوء والاسترخاء الجسدي، وتحسين التوازن النفسي، ومعالجة الأمراض، وتحسين الصحَّة العامَّة والشعور بالسعادة.

نقاط رئيسيَّة

 

  • يمارس الناسُ التأمُّلَ لتحقيق عدَّة أهداف صحِّية.
  • ليس من المعروف تماماً ما هي التغيُّرات التي تحدث في الجسم خلال التأمُّل؛ وهل تؤثِّر في الصحَّة أم لا. وإذا كان الأمر كذلك، كيف يحدث ذلك. ما زالت البحوثُ جارية لمعرفة المزيد عن آثار التأمُّل، وكيف يؤثِّر إيجابياً في الشخص والأمراض والحالات الصحِّية التي قد يعاني منها.
  • يجب أن يخبر الشخصُ جميعَ مقدِّمي الرعاية الصحية في حال استخدم إحدى طرق العلاج التكميلي أو البديل, كما يجب أن يزوِّدهم بكامل التفاصيل، ليضمنَ حصوله على رعاية طبِّية منسَّقة وآمنة.

 

نظرة عامَّة

 

يشير مصطلحُ التأمُّل إلى مجموعة من التقنيات والطرائق، مثل فاتحة التأمل واستجابة الاسترخاء والتأمُّل الذهني. لقد ظهرت غالبية تقنيات التأمُّل في التقاليد الدينية أو الروحية الشرقية. وقد استُخدمت هذه التقنيات من قِبَل العديد من الثقافات في جميع أنحاء العالم على مرِّ السنين. ولكن، يستخدم كثيرٌ من الأشخاص التأمُّلَ في هذه الأيام خارج المعنى التقليدي أو الديني أو الثقافي، بل للحصول على الصحَّة والسعادة.

 

يتعلَّم الشخصُ في حالة التأمُّل تركيزَ الاهتمام. وتتطلَّب بعضُ أشكال التأمُّل إرشادات من قبل المدرِّب ليصبحَ الشخصُ متيقظَ الأفكار والمشاعر والأحاسيس, وليتمكَّن من إدراكها بطريقة عفويَّة غير معتمدة على المحاكمة العقلية. ويُعتقد أنَّ هذه الممارسةَ تؤدِّي إلى قدر كبير من الهدوء والاسترخاء والتوازن النفسي, حيث يمكن للشخص الذي يمارس التأمُّلَ أن يُغيِّر طريقته في التعامل مع تدفُّق الأفكار والمشاعر.

 

تشترك أغلبُ أنواع التأمُّل في أربعة عناصر:

 

  • ·                مكان هادئ. يُمارس التأمُّل في مكان هادئ عادة، مع الابتعاد عن كلِّ ما يشتِّت الشخصَ قدرَ الإمكان. وهذا يمكن أن يكون مفيداً بشكل خاص للمبتدئين.
  • ·                وضعية محدَّدة ومريحة للجسم. يمكن القيامُ بالتأمُّل في أثناء الجلوس والاستلقاء والوقوف والمشي أو في أوضاع أخرى، وذلك اعتماداً على نوع التأمُّل الذي يمارسه الشخص.
  • ·                تركيز الاهتمام. يكون التركيزُ على شيء واحد جزءاً من عملية التأمُّل عادة؛ فعلى سبيل المثال، قد يركِّز المتأمِّلُ على شيء لفظي معيَّن (كلمة جرى اختيارها بعناية فائقة أو مجموعة من الكلمات)، أو على كائن معيَّن، أو على أحاسيس التنفُّس. كما يجري تركيزُ الانتباه في بعض أشكال التأمُّل على كل ما هو تحت سيطرة الوعي.
  • ·                موقف مُنفَتِح. أن يكونَ لدى المتأمِّل موقفٌ منفتح؛ ويعني ذلك السماح لكلِّ ما يشتِّت الانتباه أن يأتي ويزول بشكل طبيعي دون الحكم عليه؛ فتشتُّتُ انتباه المتأمِّل لا يخدم عمليةَ التأمُّل. ولكن يجب على المتأمِّل استعادةَ الانتباه بلطف إلى التركيز. في بعض أنواع التأمُّل، يتعلَّم المتأمِّل "مراقبة" أفكاره وأحاسيسه في أثناء التأمُّل.

 

يُستخدَم التأمُّل في الطبِّ التكميلي والبَديل كدواء للروح والجسد، حيث تركِّز أدوية الروح والجسد عادةً على ما يلي:

 

  • التفاعل بين الدماغ (العقل) وباقي الجسم والسلوك.
  • الطرق التي تؤثِّر من خِلالها العواملُ النفسية والعقلية والاجتماعية والروحية والسلوكية في الصحَّة بشكل مباشر.

 

 

الاستخدامات الصحية للتأمُّل في الولايات المتحدة

 

أظهر مسحٌ حكومي وطني أُجري عام 2007، حولَ استخدام الطبِّ التكميلي والبَديل في الولايات المتحدة  على 23393 من البالغين, أنَّ 9.4٪ من أفراد العينة (أي أكثر من 20 مليون شخص) قد استخدموا التأمُّلَ في الاثني عشر شهراً الماضية؛ كما أظهر استطلاعٌ مشابه أُجري عام 2002 أنَّ 7.6٪ من أفراد العيِّنة (أي أكثر من 15 مليون شخص) قد استخدموا ذلك. وأظهر مسحٌ أُجري عام 2007 حولَ استخدام الطبِّ التكميلي والبَديل على 9417 طفلا أنَّ 1٪ (أي 725000 طفل) قد استخدموا التأمُّل في الاثني عشر شهراً الماضية.

 

يستخدم الأشخاصُ التأمُّلَ لعلاج الكثير من المشاكل الصحِّية، مثل:

 

  • القلق.
  • الألم.
  • الاكتئاب.
  • الإجهاد النفسي.
  • الأرق.
  • الأعراض الجسدية أو النفسية التي قد تكون مرتبطةً بالإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والإيدز والسرطان، وعلاج هذه الأمراض.

 

كما يُستخدَم التأمُّل لاستدامة العافية بشكل عام.

 

أمثلة على ممارسات التأمل

 

يعدُّ التأمُّلُ الذهني والتأمُّل التَّصَوُّرِيُّ نوعين شائعين من أنواع التأمُّل. وتقوم بعض  الأبحاث بدراسة كلا نوعي التأمُّل.

 

في إحدى الأشكال الشَّائعة للتأمُّل الذهني، يُدرب المتأمِّلُ أن يركِّز انتباهَه على الشعور بجريان النَّفَس داخل الجسم وخارجه. كما يتعلَّم المتأمِّل تركيزَ الاهتمام على ما يحسُّ به، دون أن يتفاعلَ معه أو يحكم عليه, وهذا ما يساعد المتأمِّل على معايشة الأفكار والمشاعر في الحياة اليومية العادية بقدرٍ أكبر من التوازن والتقبُّل.

 

أمَّا في تقنية التأمُّل التَّصَوُّرِيِّ، فيتلفَّظ الشخصُ بأشياء (كلمة أو صوت أو جملة متكرِّرة بصمت) لكي يمنع دخولَ الأفكار المشتِّتة إلى عقله, والهدف هو تحقيق حالة من استرخاء الوعي.

 

آليَّةُ عمل التأمُّل

 

أظهرت ممارسةُ التأمل حدوثَ بعض التغيُّرات في الجسم، ويأمل الباحثون في التوصُّل إلى تحديد الأمراض أو الحالات الصحِّية التي قد يفيد التأمُّل فيها, وذلك من خلال تعلُّم المزيد حول ما يدور في الجسم في أثناء التأمُّل.

 

قد تعمل بعضُ أنواع التأمُّل على التأثير المستقل (غير الإرادي) في الجهاز العصبي؛ فهذا الجهاز ينظِّم عملَ العديد من الأعضاء والعضلات, ويتحكَّم بالعديد من الوظائف، مثل ضربات القلب والتعرُّق والتنفُّس والهضم. ويضم جزئين رئيسيين (الودِّي ونظير الودِّي):

 

  • يساعد الجهاز العصبي الودِّي على تنشيط الجسم للعمل. عندما يكون الشخصُ تحت الضغط أو الشدَّة، يحرِّض الجهازُ استجابة تُدعى "تَفاعُل المُحارَبَةِ أَو الفِرار": فيرتفع معدَّل ضربات القلب ومعدَّل التنفُّس وتتضيَّق الأوعية الدموية (ممَّا يُقلِّل من تدفُّق الدم في بعض أعضاء الجسم ليتركز في أعضاء أخرى كالرئتين و العضلات).
  • يعمل الجهاز العصبي نظير الودِّي على خفض معدَّل ضربات القلب ومعدَّل التنفس، وعلى توسُّع الأوعية الدموية (ممَّا يُحسِّن تَدفُّقَ الدم) وزيادة تدفُّق العصارات الهضمية.

 

كما يُعتقد أنَّ بعضَ أنواع التأمُّل قد تعمل عن طريق الحدِّ من نشاط الجهاز العصبي الودِّي، وزيادة النشاط في الجهاز العصبي نظير الودِّي.

 

في أحد مجالات البحوث، يستخدم العلماء أدوات معقَّدة لتحديد ما إذا كان هناك ارتباط  بين التأمُّل وحدوث تغيُّرات كبيرة في وظائف الدماغ. ويعتقد عددٌ من الباحثين أنَّ هذه التغيُّرات مسؤولة عن العديد من آثار التأمُّل.

 

من الممكن أيضاً أن تؤثِّرَ ممارسةُ التأمُّل من خِلال تَحْسين قدرة العقل على الانتباه. وبما أنَّ الانتباه يسهم في أداء المهام اليومية وتنظيم المزاج، فقد يؤدِّي التأمُّل إلى فوائد أخرى.

 

وجدت إحدى الدراسات العلميَّة في عام 2007 بعضَ الأدلَّة العلمية على ارتباط التأمل بحدوث بعض التأثيرات الصحِّية المفيدة المحتملة؛ ولكنَّ هذه الأدلَّة في مجملها  لم تكن حاسمة. وخلص المراجِعون الى أنَّ البحوث المستقبلية يجب أن تكونَ أكثرَ دقَّة, قبل التوصُّل إلى نتائج مؤكَّدة.

 

الآثار الجانبية والمخاطر

 

تعدُّ ممارسةُ التأمُّل آمنة للأشخاص الأصحاء. ولكن، هناك تقارير نادرة تقول بأنَّ ممارسةَ التأمُّل يمكن أن تسبِّب أو تُفاقِم أعراضَ بعض المشاكل النفسية التي يعاني منها الأشخاص، ولكن لم تُبحَث هذه المسألة بشكل وافٍ. كما أنَّ الأشخاصَ الذين يعانون من صعوبة في حركة الجسم لا يستطيعون ممارسةَ أنواع التأمُّل التي تعتمد على الحركات الجسدية. ولذلك، يتعيَّن على الأشخاص الذين يعانون من بعض المشاكل العقلية أو البدنية التحدُّث إلى مقدِّمي الرعاية الصحية قبلَ البدء في ممارسة التأمل, مع إطلاع مدرِّب التأمُّل على حالتهم الصحِّية.

 

إذا كان الشخصُ يفِّكر في ممارسة التأمل، فلابدَّ من الانتباه إلى ما يلي:

 

  • يجب ألاَّ يُستخدم التأمُّل ليكونَ بديلاً عن الرعاية الصحِّية التقليدية، أو لتأجيل زيارة الطبيب حول مشكلة صحِّية.
  • يجب أن يسأل الشخصُ عن خبرة وتأهيل مدرِّب التأمل.
  • يجب قراءة البحوث المنشورة حول معالجة التأمل للمشكلة الصحية التي يعاني منها الشخص.

 

وأخيراً، يقول اللهُ الخالق البارئ العليم الخبير في كتابه الكريم {ونُنَزِّل من القرآن ما هو شِفاءٌ ورَحْمَةٌ للمُؤْمِنين}؛ فالمؤمنُ يعلم يقيناً أنَّ في القرآن وفي تدبُّر آياته والتفكر بها الشفاء من أسقام الروح و الجسد. لذا، إن كان التأمُّلُ أفاد الناسَ من ثقافات وأديان أخرى، فهو - بلا شك - أكثرُ تأثيراً وفائدة لمتَّبعي الدين الحنيف إذا صدقت النيَّةُ وصحَّت الطريقة.

 

 

المصدر : www.kaahe.org

 

 

 

إقرأ 12832 مرات آخر تعديل على الإثنين, 01 شباط/فبراير 2016 23:10
FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed