طباعة

ماهية العلاقة الجدلية بين الوطن والمواطن والمواطنة!

Posted in الثقافة


مما لاشك فيه، فإن هذا الموضوع يقودنا ايضاً الى حتمية التعرف على مفهومي "الوطنية والمواطنة" باصولها ومدلولاتها الحقيقة المستنبطة من مفهومي الوطن والمواطن، حيث أضحت "الوطنية" في كثير من البلدان مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمواطنة، فهي نسبة مؤنثة للوطن، ولا تتحدد اطلاقاً في حال كونها تعبيراً عن الانتماء والنشأة والولاء للوطن والتغني بحبه عاطفياً حين يعيش المرء في بلاد الغربة مثلاً، وانما تتحدد عملياً في التصرف والسلوك حين يقدم المواطن الخدمة لوطنه وفدائه بالمال والنفس أذا ما توفرت له الفرصة المناسبة، بحيث يعادل حب الوطن حب النفس، وهذا ما نستدل عليه في قوله تعالى: "ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم".

وفي الفكر المعاصر يرتبط مفهوم المواطنة بالوطنية، التي لاتعني فقط النزعة الشعورية لدى المواطن، وانما النزعة الفكرية التي لها مبادئها العامة وطقوسها السلوكية، وتعني في مفهومها العام "أن الولاء للوطن مقدم على أي ولاء سواه، والولاء للوطن يعني الولاء لبقعته الجغرافية ولجماعته من الناس ولدولته ولشاراته المميزة"، حسب المفكرين. وعليه يمكن القول بأن الوطنية بهذه الصفة ليست حديثة، وانما وجدت في المجتمعات القديمة كاليونانية والرومانية، وتطورت في المجتمعات الاوربية الحديثة حين شحنت بشعور الاتباع الوطني وبروح التضحية، وبوصفها ديناً له قداسته ليحل محل المشاعر الدينية المسيحية، بحيث أصبح الدين والوطنية كفتي ميزان كلما رجحت واحدة طافت الاخرى. ويعزو بعض الباحثين ارساء مبادئ الوطنية في الدولة القومية الديمقراطية المعاصرة في اوروبا الى حدوث ثلاث تحولات كبرى متكاملة وهي، بروز الدولة القومية، والمشاركة في العمل السياسي والاشراف على حركته، وسن القوانين والتشريعات التي تنظم العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبما يلبي حاجات وطموحات تلك المجتمعات بعد ان أوكلت مهمة اصدار هذه القوانين الى الشعب الذي اصبح مصدراً للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث تتجسدت في ذلك قمة "المواطنة".          

ويتفق عدد من المفكرين على أن "المواطنة" تعني مساكنة وتعايش في وطن واحد وما يترتب على ذلك من حقوق، وغالباً ما تتحد بالمفاعلة بين الوطن والمواطن أو المواطنين أنفسهم بصفتهم أفرادا في المجتمع الجمعي، وقد تكون بين العناصر المكونة للوطن كالشعب والدولة، والناس والقانون، وما شابه ذلك. ويشير أحد الكتاب الى أمرين أو مرتكزين اساسيين كبيرين تقوم عليهما المواطنة في العصر الحديث أو الحالي وهما: المشاركة في الحكم، والسماواة بين جميع المواطنين. حيث تتبلور هذه العناصر في "حقوق المواطن" أو "حقوق الإنسان في ظل وطنه" سواءً كانت حقوقاً مدنية أو سياسية أو أقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية، والتي دخلت في مسار عولمي وفي اطار منظمات حقوق الإنسان الدولية بحيث تدان اي دولة تنتهكها أو تتجاوز عليها. ويرى آخرون بأن مفهوم "المواطنة" المعاصر ومسارات تطبيقها ومتطلباتها التربوية تتمثل في عدة امور هامة منها: 1) المساواة بين المواطنين في ظل قومية وطنية واحدة على أساس الانتماء لهذه الوطنية. 2) امتلاك (المواطن) حقوقاً اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية يتكفل بها النظام. 3) امتلاك (المواطن) واجبات تجاه الدولة والمجتمع. 4) استحقاق المواطن ان يشارك بصورة ما في خدمة وطنه عبر المجال السياسي مباشرة او بالإنابة. 5) الولاء من المواطن للوطن ولكل رمزياته نشيداً وعلماً ولغة واعرافاً الى درجة التضحية في سبيله.

FacebookMySpaceTwitterDiggDeliciousStumbleuponGoogle BookmarksRedditNewsvineTechnoratiLinkedinRSS Feed